أثبتت مشاريع إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية في قطاع غزة جدواها الاقتصادية على الرغم من تواضعها، وبرز دورها الإيجابي في تجنيب البيئة الكثير من الأضرار، هذا ما يؤكده مسؤولون ومختصون اقتصاديون شددوا في الوقت عينه على أن الارتقاء بها والتوسع يتطلب تضافر كافة الجهود الرسمية وغير الرسمية، وتذليل العقبات أمام إدخال المعدات والآليات اللازمة لاسيما التي تصنفها (إسرائيل) "مزدوجة الاستخدام".
شركة الرملاوي للصناعات البلاستيكية بغزة إحدى الشركات المحلية التي لجأت إلى إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية في سبيل تأمين احتياجاتها من المادة الخام اللازمة، وفي نفس الوقت تحقيق أرباح.
ويبين صاحبها عمر الرملاوي لصحيفة "فلسطين" أن منتجات البلاستيك المعاد تدويره تمنع - وفق تعليمات صادرة عن وزارة الاقتصاد- للاستخدام الآدمي مثل الاطباق، الملاعق، العاب يضعها الطفل في فمه، وكذلك خراطيم مياه الشرب ودون ذلك فهو مسموح.
ونوه إلى أنه يتم فرز البلاستيك الذي يشتريه من مجمعيه إلى خمسة أصناف أساسية استناداً للقوة والمواصفة والأصناف هي (HDPE، LDPE, PS, PP, BET).
وأشار إلى أن صنف ((BET الذي تصنع منه عبوات المياه الغازية، لا يتم إعادة تدويره لأنه يفقد الكثير من خواصه البلاستيكية إذا خضع لذلك.
ويبين الرملاوي أن البلاستيك يقطع بعد فرزه لأجزاء صغيرة جداً، قبل الولوج في عملية التنظيف للتخلص من الشوائب والقاذورات، ثم يمرر على آلية التنشيف، بعد ذلك تدخل قطع البلاستيك إلى "آلة الجرش" لتحويلها إلى أجزاء متناهية في الصغر، ثم تدخل مرحلة تحويل البلاستيك من مادة خفيفة إلى ثقيلة.
وأضاف: "يتم تحويل البلاستيك من حالة صلبة الى سائلة تحت درجة حرارة 200-250، لتصبح فيما بعد مادة لزجة، ثم تدخل إلى مرحلة التبريد، بعد ذلك يمرر البلاستيك إلى آلة خاصة للتحويل إلى حبيبات أشبه الواحدة منها بحبة العدس.
ونوه إلى إضافة مادة صبغية مثل الحبيبات على المادة المذابة، لإعطاء اللون المراد وهي تستورد من الخارج وتخضع للرقابة المشددة من جانب وزارتي الاقتصاد والصحة.
ويصنع الرملاوي من البلاستيك المعاد تدويره أكياس النفايات الصلبة، طاولات بلاستيكية، المقاعد، أحصنة بلاستيكية خاصة بالأطفال، خراطيم مياه للاستخدام الزراعي.
وشدد تأكيده على أن اعادة تدوير المخلفات البلاستيكية مفيدة على الصعيد التجاري، البيئي، الصحي، منوهاً إلى أن النفايات تبقى أكثر من 500 عام دون تحلل.
وأشار إلى أن 20 عاملاً لديه يعملون في اعادة التدوير، في حين أنه يعتاش على جمع هذه النفايات الكثير من الأسر، حيث يتراوح شراء الكيلو من شيكل الى اثنين حسب نوع البلاستيك.
وبين الرملاوي أن المصنع يحاول مواكبة المستجدات في عملية إعادة تدوير البلاستيك من خلال الاطلاع على شبكة الانترنت علاوة على السفر إلى الخارج حين تسنح الفرصة، لافتاً إلى أن معظم ماكينات مصنعه تم تصنيعها وتركيبها محلياً بغزة، غير أن هذا غير كاف، فهم يحتاجون إلى قطع غيار أساسية تعرقل (إسرائيل) إدخالها للقطاع تحت ذرائع الاستخدام المزدوج.
من جانبه، أكد مدير التنمية الصناعية بوزارة الاقتصاد م. هاني مطر أن وزارته تشترط استخدام منتجات اعادة تدوير البلاستيك بعيداً عن الاستخدام الادمي، فهي تنفذ رقابة ميدانية بين الفينة والأخرى على تلك المصانع، ومنتجاتها وتأخذ عينيات لإخضاعها لعمليات الفحص المجهري والمباشر، كما يتم مراقبة "الاماكن التي يتم فيها جرش البلاستيك" قبل بيعها لمصانع البلاستيك.
وأشار إلى أن عدد مصانع البلاستكيك المعتمدة من جانب الوزارة 75 مصنعاً.
وأكد على أن شح بعض المواد البلاستيكية الضرورية التي يحتاجها السوق المحلي، دفع أصحاب مصانع البلاستيك وعلى نطاق محدود إلى إعادة تدوير البلاستيك واستخدامه في تصنيع بعض الصناعات.
ونوه إلى أن إعادة تدوير البلاستيك بشكل موسع، تحتاج إلى مختبرات ذات تقنية متطورة لتفادي أي مخاطر صحية تنتج عن عملية التدوير والتعقيم، كما أن الارتفاع النسبي لأسعار المواد الخام يرفع من تكلفة المواد المنتجة.
ويوضح المختص في الشأن الاقتصادي رائد حلس أن إقامة مشاريع تدوير البلاستيك في قطاع غزة تعد من المشاريع الصناعية الهامة خاصة وأن هذه المشاريع تدر دخلاً كبيراً على أصحابها.
وأضاف": "كما تتميز تلك المشاريع بالعديد من الإيجابيات أهمها تحقيق مكاسب مادية، والاستفادة منها في كثير من الصناعات الأساسية والكمالية لكثير من المنتجات مثل صناعة خزانات المياه والنايلون وأدوات المطابخ وغيرها من الصناعات البلاستيكية".
وأشار إلى أن إعادة تدوير البلاستيك تجنب البيئة الأدخنة المنبعثة عن حرقها أو اتلافها في الطرقات.
بدوره قال المختص في الشأن الاقتصادي نهاد نشوان إنه خلال سنوات الحصار بدت ظاهرة جديدة تطفو وهي تكدس الكثير من المواد الخام التي كان يتم تصديرها في السابق مثل النحاس، الحديد أو ما يسمى بالسكراب، والألمنيوم والعديد من المنتجات الأولية".
وأضاف أن الطبيعة التراكمية للمخلفات وأهمها البلاستيك لا يتم استغلالها، حيث يعتمد سوق الصناعات البلاستيكية على المواد الأولية المستوردة, وبالتالي فإن وجود مشاريع اعادة تدوير الاستهلاكات والمخلفات من البلاستيك يشكل اكتفاء ذاتيا يغطي كافي احتياجات السوق إضافة إلى وقف عمليات الاستيراد التي تساهم بدورها في تحسين الاقتصاد في قطاع غزة.
وأكد أن تسليط الضوء على هذا الموضوع نقطة تحول مهمة تتيح لإنعاش الكثير من الصناعات التي تعتمد على البلاستيك كمادة أولية في التصنيع، وكذلك خطوة نحو تشغيل المزيد من الأيدي العاملة.
وبحسب دراسة نشرتها أكاديمية العلوم الأمريكية فإن عملية إعادة تصنيع البلاستيك في التصنيع الغذائي عملية خطرة لأن العبوة نفسها معرضة أن تصبح أكثر خطورة على صحة الإنسان من خلال مركبات العبوة البتروكيميائية التي تنتقل للغذاء المعبأ بها، لتحدث تراكما شديدا مع مرور الوقت تصل لدرجة التسمم، أو إتلاف الأعضاء الداخلية للكائن الحي.
التقرير منقول عن موقع الإقتصادية