صناعة النسيج المصرية تدفع فاتورة الربيع العربي
تلعب صناعة النسيج دورا رئيسا في الاقتصاد المصري وتشكل 27 في المائة من الصادرات غير النفطية.
هبة صالح من القاهرة
هبوط قيمة الجنيه المصري منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي يعد نبًأ سارًا لصناعة النسيج، لكن مصدرين يقولون إن تأثيره تلاشى بسبب تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية منذ ثورة 2011.
ولسنوات ظل المصنعون يقولون إن العملة مبالغ في قيمتها، ما ألحق ضررًا بالقدرة التنافسية وبالشركات. ومع أنهم يرحبون الآن بتخفيض قيمة الجنيه، إلا أنهم يشعرون بقلق عميق من اضطراب سوق الصرف ومن التدهور العام في مناخ الأعمال. ومنذ نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي فقد الجنيه 8 في المائة من قيمته أمام الدولار، بعدما أصدر المصرف المركزي نظامًا جديدًا لمزادات العملات الأجنبية يهدف إلى وقف استنزاف الاحتياطيات الأجنبية للدولة. وصناعة النسيج هي أحد أهم أكبر قطاعات التوظيف في مصر، بتوفيرها ربع الوظائف الصناعية، كما تمثل 27 في المائة من الصادرات غير النفطية ـ 60 في المائة من صادرات القطاع تذهب إلى الولايات المتحدة.
وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2012 صدّرت مصر ما قيمته 2.2 مليار دولار من المنسوجات، وهو مستوى يقل 10 في المائة من صادرات الفترة نفسها في العام السابق.
ويقول مصدرون إن الجنيه الرخيص يجب أن يجعل منتجاتهم أكثر جاذبية، لكن الصورة مشوشة؛ لأن صناعة الملابس تعتمد بشدة على الواردات مثل الغزل والأنسجة والزينة. وتشتهر مصر بنوعية القطن الجيدة لديها، لكن المحصول المحلي الذي يعد معظمه من أصناف طويلة التيلة، يصدر في الأساس لأنه أجود وأغلى من أن يستخدم في قماش الدنيم القطني والـ"تي شيرت"، المادتين الأساسيتين اللتين يتم صنعهما للأسواق الغربية.
ووفقًا لمجدي طلبة، الرئيس التنفيذي لمركز القاهرة للقطن: "تأثير تخفيض القيمة ليس إيجابيًا كما ينبغي؛ لأن المشكلة أننا لم نعمّق من الصناعة؛ ولذلك ما زلنا في حاجة إلى أن نستورد الكثير". ويملك طلبة مصنعًا مصريًا يوفر طلبيات لتجار تجزئة في الولايات المتحدة وأوروبا، مثل "ماكيز" و"نايكي" و"ماركس آند سبينسر".
ويضيف: "جميع الأنسجة المخصصة للملابس المصدرة تأتي من الخارج. حتى غزل القمصان يأتي من جنوب شرق آسيا". ويشتكي طلبة من ظهور سوق سوداء للدولار في الأسابيع الأخيرة، بسبب مسارعة الناس إلى تخزين العملة الأمريكية، متوقعين هبوطًا أكبر في قيمة العملة المصرية. وما يثير الحزن أيضًا هو تأخر القيود التي فرضتها المصارف على التحويل إلى الخارج، والتي يقول إنها عرقلت الواردات اللازمة وأخلت بجداول الإنتاج.
وتشمل الأشياء الأخرى التي تعانيها الصناعة، أسعار الفائدة العالية التي وصلت إلى 15 في المائة، والرسوم الكبيرة التي تفرضها المصارف لسد فجوة ديون الشركات التي تمر بمتاعب، كما يقول طلبة.
وأشار إلى أن الحكومة لم تصدر معايير لدعم الشركات التي تواجه صعوبات، بأن تسمح لها، مثلاً، بإعادة جدولة ديون المرافق. ونتيجة لهذا تعين على كثير من المصانع أن تغلق.
ويقول طلبة وأصحاب مصانع آخرون إنه كان عليهم أن يقللوا من حجم خطط الإنفاق خلال العامين الماضيين.
وصدّر مركز القاهرة للقطن ما قيمته 38 مليون دولار عام 2010، لكنه شهد تعثرًا في المبيعات التي تراجعت إلى 32 مليون دولار في 2012. ويقول طلبة: "يبدو أننا سنسير بخطى عرجاء في عام 2013 ما لم تحدث تغيرات جذرية". وفي حديث لـ"فاينانشيال تايمز"، قال علاء عرفة، رئيس شركة عرفة ومالك أحد أكبر مصانع الملابس الجاهزة التي تباع تحت علامات تجارية غربية، إن تخفيض قيمة الجنيه، بالنسبة لشركته، يجب أن يتحول إلى تخفيض بنسبة 6 في المائة في النفقات، نتيجة لتقليص المُدخلات المحلية.
لكن حتى مع هذا، ينتقد عرفة تخفيض قيمة العملة، معتبرًا أنه جاء متأخرًا جدًا، وأن قرار السماح للجنيه بالانخفاض تدريجيًا أدى إلى ظهور سوق سوداء. وهو يرى أن هبوطًا حادًا إلى مستوى يمكن منه للعملة إن تصعد مجددًا، هو المسار الأفضل. ومثل المصدرين الآخرين، شهد عرفة هبوطًا في العائدات، وكان عليه أن يوقف خططًا توسعية. ويقول في ذلك: "لا يوجد شخص سعيد في بلد غير سعيد، بإمكانك فقط أن تصبح أقل تعاسة من الآخرين. ما توصلنا إليه هو أن العملاء قلقين من المجيء إلى هنا".
ويضيف: "إذا كانوا لا يزالون مستعدين للمخاطرة بتأجيل التسليم بسبب إضرابات العمال أو الميناء، فإنهم سيطلبون ميزة على هيئة مكافأة مالية".
وأوضح عرفة أن حجم العمل حاليًا أقل بنسبة 20 في المائة عما كان عليه قبل الثورة. وهناك مصنع في بني سويف، في الصعيد، كان مخططًا له أن يوفر عشرة آلاف فرصة عمل، لكنه توقف عند ألفين.
ويقول: "لدينا خطط للنمو، لكن ليس بوسعنا أن نقنع الشركاء الأجانب أن يخاطروا أكثر".
تلعب صناعة النسيج دورا رئيسا في الاقتصاد المصري وتشكل 27 في المائة من الصادرات غير النفطية.
هبة صالح من القاهرة
هبوط قيمة الجنيه المصري منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي يعد نبًأ سارًا لصناعة النسيج، لكن مصدرين يقولون إن تأثيره تلاشى بسبب تدهور الظروف الاقتصادية والاجتماعية منذ ثورة 2011.
ولسنوات ظل المصنعون يقولون إن العملة مبالغ في قيمتها، ما ألحق ضررًا بالقدرة التنافسية وبالشركات. ومع أنهم يرحبون الآن بتخفيض قيمة الجنيه، إلا أنهم يشعرون بقلق عميق من اضطراب سوق الصرف ومن التدهور العام في مناخ الأعمال. ومنذ نهاية كانون الأول (ديسمبر) الماضي فقد الجنيه 8 في المائة من قيمته أمام الدولار، بعدما أصدر المصرف المركزي نظامًا جديدًا لمزادات العملات الأجنبية يهدف إلى وقف استنزاف الاحتياطيات الأجنبية للدولة. وصناعة النسيج هي أحد أهم أكبر قطاعات التوظيف في مصر، بتوفيرها ربع الوظائف الصناعية، كما تمثل 27 في المائة من الصادرات غير النفطية ـ 60 في المائة من صادرات القطاع تذهب إلى الولايات المتحدة.
وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2012 صدّرت مصر ما قيمته 2.2 مليار دولار من المنسوجات، وهو مستوى يقل 10 في المائة من صادرات الفترة نفسها في العام السابق.
ويقول مصدرون إن الجنيه الرخيص يجب أن يجعل منتجاتهم أكثر جاذبية، لكن الصورة مشوشة؛ لأن صناعة الملابس تعتمد بشدة على الواردات مثل الغزل والأنسجة والزينة. وتشتهر مصر بنوعية القطن الجيدة لديها، لكن المحصول المحلي الذي يعد معظمه من أصناف طويلة التيلة، يصدر في الأساس لأنه أجود وأغلى من أن يستخدم في قماش الدنيم القطني والـ"تي شيرت"، المادتين الأساسيتين اللتين يتم صنعهما للأسواق الغربية.
ووفقًا لمجدي طلبة، الرئيس التنفيذي لمركز القاهرة للقطن: "تأثير تخفيض القيمة ليس إيجابيًا كما ينبغي؛ لأن المشكلة أننا لم نعمّق من الصناعة؛ ولذلك ما زلنا في حاجة إلى أن نستورد الكثير". ويملك طلبة مصنعًا مصريًا يوفر طلبيات لتجار تجزئة في الولايات المتحدة وأوروبا، مثل "ماكيز" و"نايكي" و"ماركس آند سبينسر".
ويضيف: "جميع الأنسجة المخصصة للملابس المصدرة تأتي من الخارج. حتى غزل القمصان يأتي من جنوب شرق آسيا". ويشتكي طلبة من ظهور سوق سوداء للدولار في الأسابيع الأخيرة، بسبب مسارعة الناس إلى تخزين العملة الأمريكية، متوقعين هبوطًا أكبر في قيمة العملة المصرية. وما يثير الحزن أيضًا هو تأخر القيود التي فرضتها المصارف على التحويل إلى الخارج، والتي يقول إنها عرقلت الواردات اللازمة وأخلت بجداول الإنتاج.
وتشمل الأشياء الأخرى التي تعانيها الصناعة، أسعار الفائدة العالية التي وصلت إلى 15 في المائة، والرسوم الكبيرة التي تفرضها المصارف لسد فجوة ديون الشركات التي تمر بمتاعب، كما يقول طلبة.
وأشار إلى أن الحكومة لم تصدر معايير لدعم الشركات التي تواجه صعوبات، بأن تسمح لها، مثلاً، بإعادة جدولة ديون المرافق. ونتيجة لهذا تعين على كثير من المصانع أن تغلق.
ويقول طلبة وأصحاب مصانع آخرون إنه كان عليهم أن يقللوا من حجم خطط الإنفاق خلال العامين الماضيين.
وصدّر مركز القاهرة للقطن ما قيمته 38 مليون دولار عام 2010، لكنه شهد تعثرًا في المبيعات التي تراجعت إلى 32 مليون دولار في 2012. ويقول طلبة: "يبدو أننا سنسير بخطى عرجاء في عام 2013 ما لم تحدث تغيرات جذرية". وفي حديث لـ"فاينانشيال تايمز"، قال علاء عرفة، رئيس شركة عرفة ومالك أحد أكبر مصانع الملابس الجاهزة التي تباع تحت علامات تجارية غربية، إن تخفيض قيمة الجنيه، بالنسبة لشركته، يجب أن يتحول إلى تخفيض بنسبة 6 في المائة في النفقات، نتيجة لتقليص المُدخلات المحلية.
لكن حتى مع هذا، ينتقد عرفة تخفيض قيمة العملة، معتبرًا أنه جاء متأخرًا جدًا، وأن قرار السماح للجنيه بالانخفاض تدريجيًا أدى إلى ظهور سوق سوداء. وهو يرى أن هبوطًا حادًا إلى مستوى يمكن منه للعملة إن تصعد مجددًا، هو المسار الأفضل. ومثل المصدرين الآخرين، شهد عرفة هبوطًا في العائدات، وكان عليه أن يوقف خططًا توسعية. ويقول في ذلك: "لا يوجد شخص سعيد في بلد غير سعيد، بإمكانك فقط أن تصبح أقل تعاسة من الآخرين. ما توصلنا إليه هو أن العملاء قلقين من المجيء إلى هنا".
ويضيف: "إذا كانوا لا يزالون مستعدين للمخاطرة بتأجيل التسليم بسبب إضرابات العمال أو الميناء، فإنهم سيطلبون ميزة على هيئة مكافأة مالية".
وأوضح عرفة أن حجم العمل حاليًا أقل بنسبة 20 في المائة عما كان عليه قبل الثورة. وهناك مصنع في بني سويف، في الصعيد، كان مخططًا له أن يوفر عشرة آلاف فرصة عمل، لكنه توقف عند ألفين.
ويقول: "لدينا خطط للنمو، لكن ليس بوسعنا أن نقنع الشركاء الأجانب أن يخاطروا أكثر".